مختلفون ولسنا مختلفون

تحقيق: وعد الزين

بعيونهم الشاردة ونظراتهم العميقة تستنبط انه يختلج في عقولهم افكار مختلفة وغامضة شوهتها جينات بيولوجية وقطعت خطوط التواصل مع الاخر البعيد.

حالة وليس مرض

التوحد او الذاتوية “AUTISM'” هي احد الاضطرابات التابعة لمجموعة التطور المسماة باللغة الطبية “اضطراب في الطيف الذاتوي”.تظهر في سن الرضاعة قبل بلوغ الطفل سن الثلاث سنوات على الاغلب.

وهناك تعريف مشابه الى الذي سبقه يؤكد ان التوحد عبارة عن خلل او اضطراب في النمو العصبي للطفل، يظهر عادة لدى الطفل قبل بلوغ عمر الثلاث سنوات وتختلف الاعراض من طفل الى اخر.

وقد عرفت الاخصائية في علم النفس مروة وفيق نحلة ان التوحد هو حالة او اضطراب وليس مرض انما هو حالة تولد مع الطفل الذي يتمتع بشكل خارجي طبيعي ولا يوجد ملامح مميزة لديه في اعضاءه كالعينين او الاذنيين او جسمه بل تكون لديه ملامح طبيعية , اما العوارض فتضهر عليه كل ما تقدم في العمر .

الاعراض الاساسية للتوحد

اكدت الاخصائية مروة انه يوجد ثلاثة اعراض رئيسة يجب ان تتواجد لدى الطفل كي يتم تشخيص الحالة على انها توحد.

1- ضعف القدرة على التواصل الاجتماعي, حيث يكون هناك صعوبة في التواصل مع غيره.

2- صعوبة او تاخر في النطق اي لا يستطيع طفل التوحد النطق باكرا مقارنة مع الولد الطبيعي, والجدير بالذكر هنا انه في بعض حالات التوحد يتكلم الطفل في الاشهر الاولى من عمره وعند بلوغه السنة والنصف يفقد النطق واللغة او يقل كلامه.

3- حركات نمطية متكررة, اي حركات يعتاد الطفل على تكرارها مثل هزة اليد او الرجل بطريقة غير طبيعية.

تشخيص طفل التوحد

لتشخيص طفل التوحد يجب ان تتواجد الاعراض الثلاثة التي تم ذكرها سابقا حيث لايكفي وجود واحدة منها، فعلى سبيل التوضيح عندما يتاخر الطفل بالنطق مع غياب حركات نمطية متكررة وامكانية تواصله مع الاخر هنا لا يمكن تشخيص هذا الطفل على انه مصاب بحالة التوحد.

واكدت “نحلة” ان ما يمكننا ملاحظته في حالة التوحد هو الضعف بالتواصل البصري “EYE CONTACT”. ويمكن ملاحظة هذا الامر عند عمر الشهرين من خلال عدم نظر الطفل او ملاحقته للضوء كغيره من الاطفال.

واشارت “نحلة” ان طريقة اللعب عند اطفال التوحد بالالعاب تختلف عن باقي الاطفال, فعلى سبيل المثال عادة الاطفال عند اعطائهم لعبة سيارة يتعاملوا معها بطريقة معينة كالسباق واللعب والمشي بها بينما طفل التوحد يحملها ويبقى يلعب بالدولاب لساعات متواصلة دون ملل.

والتشخيص الدقيق يكون عند عمر الثلاث سنوات مع وجوب التدخل المبكر عند الاشهر الاولى لان الاكتشاف المبكر يكون له نتائج افضل بالعلاج.

درجات التوحد

للتوحد بطبيعة الامر درجات فهناك نسبة 80% من الاطفال نسبة الذكاء (IQ) لديهم اقل من المتوسط ويتسم اطفال هذه الحالة بالضعف العقلي او الاعاقة العقلية وهذه الحالة هي الاغلب .

وهناك نسبة 20% من اطفال التوحد يكونوا ضمن متوسط الذكاء اي مستوى الذكاء لديهم طبيعي كغيرهم من الاطفال.

ايضا يوجد اطفال توحد لديهم نسبة ذكاء عالية جدا ويكونوا مبدعون في الرسم والرياضيات.

الاسباب مجهولة

للاسف حتى يومنا هذا مع العديد من المحاولات العالمية والحثيثة منذ سنين طويلة لم يتم تحديد السبب الرئيس للتوحد فالسبب لا يزال مجهولا لان كل حالة مختلفة عن الاخرى وكل طفل متوحد له سبب يختلف فيه عن الاخر.

الا انه هناك دراسات حديثة تتجه الى ان سبب التوحد هو خلل جيني ناتج عن التلوث البيئي,فالجدل كبير حول الاسباب خصوصا ان الطفل يصاب بالتوحد وهو برحم امه وتولد معه الحالة.

نسبة الانتشار

تتزايد نسبة انتشار حالة التوحد لدى الاطفال عاما بعد عام، ففي عام 2014 كانت النسبة على الشكل التالي:

طفل من كل 88 طفل لتصل في عام 2016 الى طفل من كل 68 طفلا.

اما الان في 2019 اصبحت طفل واحد من اصل 59 طفل.وامكانية اصابة الذكور اكبر من امكانية اصابة الاناث.

من يشخص التوحد

بالنسبة الى الشخص الذي يشخص حالة التوحد هو الطبيب النفسي للاطفال وليس المعالج النفسي.

العلاج باهظ الثمن

اكدت الاخصائية النفسية مروة نحلة ان علاج التوحد مكلف جدا وباهظ الثمن لانه يحتاج الى فريق متعدد الاختصاصات وليس بمقدور شخص واحد علاج طفل التوحد فهناك حاجة الى معالج نفسي ومعالج حسي حركي ومعالج نطق,ايضا هنك حاجة الى العديد من المعدات المكلفة في مراكز معالجة التوحد والتدخل، اي العلاج يكون عن طريق تحديد برنامج خاص لكل طفل على حد سواء لان لكل طفل امكاناته وقدراته المختلفة عن غيره.

بالاضافة الى دور المدارس التي تتبع برنامج خاص بالتوحد حيث يجب تقسيم الاولاد في الصفوف الدراسية بدقة متناهية وتوزيعهم بعدد معين في كل صف كي يلقى كل طفل الاهتمام والعلاج المناسب.

نسبة العلاج والاستفادة

لا يوجد علاج شافي نهائيا للتوحد حتى عند التدخل المبكر لانه ليس مرض فالاضطراب او الحالة النفسية بحد اقصى يتم الحد من اعراضها والحد منها,فبالامكان علاج زيادة قدرة الطفل على التواصل الاجتماعي معظمها يكون عن طريق تعديل السلوك عبر تنمية المهارات المستطاع تنميتها,وعند الوصول الى مرحلة محددة من النمو يكون باستطاعته الاندماج بطريقة عادية.

حسب ما توصلنا اليه ان نسبة العلاج مرتبطة بدرجة التوحد المصاب بها الطفل,فالاطفال في المرحلة المتقدمة تكون نسبة التحسن ضعيفة والنطق يحصل بصعوبة لديهم بينما الاطفال في المرحلة المتوسطة يتوصلوا الى امكانية النطق بحاجاتهم وطلباتهم.

اما الاطفال في المرحلة ما دون المتوسطة يتمكنوا من العلاج والانخراط في المقاعد الدراسية فهناك اولاد تخرجوا من المدرسة والجامعة لكن تكون معارفهم واصحابهم محدودين انما النتيجة المهمة والاساسية انهم نجحوا في التواصل الاجتماعي والنطق الطبيعي.