أعدّت اللجنة الفنية في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، دراسة علمية ذات بُعد مالي – اجتماعي، عن فاتورة الدواء خارج المستشفى، ودرست فرص وأكلاف إعادة تغطية الدواء بالنسب المعمول بها حالياً، أي 80% لغالبية الأدوية، و95% لقسم محدّد من الأدوية. وخلصت الدراسة إلى أربعة سيناريوهات، أبرزها ذلك الذي يشير إلى أن فرع ضمان المرض والأمومة لن يستخدم أكثر من 35% من إيراداته السنوية، أو ما يوازي 6600 مليار ليرة، لتمويل تغطية الدواء «من دون المسّ بجودة الرعاية الصحيّة المقدّمة أو نسبة المساهمة المعتمدة في الصندوق»، أي بالشروط والأحكام التي كانت سارية قبل الأزمة النقدية والمصرفية والاقتصادية. لكن في حال رفع الدعم عن الدواء، سترتفع الكلفة إلى 8200 مليار ليرة، ما يعني أن فرع ضمان المرض والأمومة سيستخدم 42% من إيراداته. وفي الحالتين، هذا يعني أن الأموال متوافرة لدى الضمان، إلا أن توجيه استعمالها يتطلّب تطبيقاً لاستراتيجية واضحة، بدلاً من تخبّط الإدارة الحالي وتشتّت مجلس الإدارة وامتناعهما عن صياغة استراتيجية لإدارة مرحلة الأزمة وما بعدها وفق أولويات محدّدة، ومجدية مالياً واجتماعياً.
كذلك، إن مجرّد وجود خيار كهذا، يعني أن الصندوق قادر على إعادة التغطية لأكثر من 500 ألف أسرة يُقدّر عدد المستفيدين فيها بنحو 1.2 مليون شخص يسدّدون ثمن الدواء من مداخيلهم المتآكلة بفعل التضخّم المتواصل. فالضمان قادر على لعب دور بنيوي في التغطية الصحيّة للمضمونين، وربما لاحقاً لكل المقيمين. ويأتي ذلك بعدما فقد المضمونون الأمل باستعادة هامش الأمان الذي تكسّر عندما تضاعفت كلفة الطبابة والاستشفاء نحو 43 مرّة بينما أظهر الصندوق تقاعساً من خلال مضاعفة التقديمات 4 مرات فقط. وبذلك تعمّقت الأعباء على الأسر، إذ ارتفع سعر الصرف 59 مرّة وتضاعفت أسعار الغذاء 233 مرّة، وفق مؤشّر الإحصاء المركزي (2019- 2024).