شوكة في خاصرة “الرضى الإسرائيلي”
قبل أول هجوم صاروخي إيراني على مواقع إسرائيلية، أطلق محلّلون عديدون في إسرائيل العنان لأفكارهم وبدأوا يطرحون عدّة أسئلة عن واقع دولتهم اليوم، وعن صورتها وصيرورتها، وعمّا يوصف بـ”الإرث” الرئيسي الذي ستخلفه الحرب على قطاع غزّة إثر عملية طوفان الأقصى، وما تسبّبت به من تطوّراتٍ في جبهات أخرى تحوّلت إلى حربيّة ضد إسرائيل، سيّما التطوّر الحاصل في الجبهة الشمالية مع لبنان. وآل بعض هذه الأفكار إلى استنتاجات، بالرغم من أن الحرب على غزّة لم تضع أوزارها بعد، وهي مستمرّة مع تغيّر مرحلتها وأسلوبها.
ويمكن القول إن الاستنتاج الأكثر ثبوتًا أن الفكرة القائلة إن الحروب التي ستخوضها إسرائيل، سيّما بعد حرب الخليج الثانية (2/8/1990- 29/2/1991)، ستكون متعلقةً، أكثر من أي شيءٍ آخر، بالجبهة الداخلية، والتي كانت بمثابة نبوءة عقب تلك الحرب، أصبحت واقعا تجسّد على نحو فعلي، مثلا، في حرب 2006 على لبنان، وفي الحروب ضد قطاع غزّة منذ ذلك العام أيضا.
وفي حين أن كل هذه الحروب حتى الحالية تأدّى عنها ضررٌ جسيم لجبهة الطرف الثاني الداخلية، سواء اللبناني أو الفلسطيني، فإن الحرب الحالية ترتب عليها ولأول مرّة ضررٌ ما زال مستمرّا للجبهة الداخلية الإسرائيلية، وخصوصا في منطقتي الحدود مع غزّة ومع لبنان.
ومثلما كتب أحد هؤلاء المحللين في صحيفة معاريف الإسرائيلية أمس (16/4/2024): عايشت المستوطنات الإسرائيلية في منطقتي الحدود مع قطاع غزّة ولبنان طوال الوقت واقعا أمنيّا شديد الصعوبة والتعقيد، ولكن أيّا من سكان هذه المستوطنات لم يطرأ على باله يوماً أنه سيأتي وقت تكون فيه حاجة إلى إجلاء مئات ألوف الناس من بيوتهم. وبرأيه، نجحت كل من إيران وحزب الله وحركة حماس في نقل الحرب إلى الجبهة الإسرائيلية الداخلية، على الرغم من الثمن الباهظ الذي تقوم إسرائيل بتدفيعهم إياه.
وهو يشدّد على أن أيًّا من سكّان المستوطنات الشمالية الذين جرى إجلاؤهم لم يعد إلى منزله، وهم لا يعلمون متى سيعودون. وفي خضم ذلك كله، يعرب الكاتب عن اعتقاده بأن من شأن هذه الحقيقة وحدَها أن تسخّف كل القادة السياسيين والعسكريين الذين يصوّرون الحرب الحالية انتصاراً لإسرائيل.