بهدف إدخال مصارف أجنبية: خطّة ميقاتي لشراء سندات اليوروبوندز
قالت مصادر مطّلعة، إن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المساعدة على إنهاء اقتصاد الكاش عبر إدخال مصارف أجنبية إلى لبنان. في منطق ميقاتي ومعه حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، أن تلبية الضغوط الأميركية المتصاعدة بإنهاء اقتصاد الكاش، لا سبيل لها سوى إحياء القطاع المصرفي. وبما أن لبنان يجد صعوبة في إقرار «الإصلاحات» التي طلبها صندوق النقد الدولي، وأبرزها قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، انحصر مجال البحث بطريق أقصر يتضمن إدخال مصرف أو مصارف أجنبية إلى لبنان. لكن هذه المصارف لن تأتي إلا إذا حصلت على ضمانات تتصل بأمرين: توحيد سعر الصرف الذي يضمن ويحمي رأس مالها والاستثمار في التسليف والإقراض، وإنهاء ملف الدين الخارجي (سندات اليوروبوندز) الذي يتيح للبنان العودة إلى السوق الدولية واستدامة الدين العام. وفي هذا الإطار اقتُرحت صيغة يقوم بموجبها، لبنان – عبر جهة ثالثة قد تكون مصرفاً أجنبياً – بالتفاوض مع حملة سندات اليوروبوندز الأجانب لشراء سنداتهم أو قسم منها، لحساب لبنان أو لحساب المصرف الأجنبي، مقابل مبلغ يصل إلى 3 مليارات دولار، على أنه بالتوازي يُطلق المصرف الأجنبي مفاوضات لشراء مصارف محلية قابلة للحياة بعد ارتفاع أسعار السندات.ثمة الكثير من الشكوك حول فرص نجاح خطّة كهذه تكون بديلاً مما يفترض أن يقوم به لبنان في سبيل إعادة الدورة المصرفية إلى دورانها الطبيعي. لكن يبدو أن المصارف الأجنبية سبق أن أبدت اهتماماً بالسوق اللبنانية، وهي تجد في الإفلاس المصرفي فرصة سانحة وزهيدة للاستثمار في سوق عطشى. ولا شكّ أنها تراهن على أن الأوضاع في لبنان لن تبقى على حالها، وأن الأوضاع الإقليمية ستعود إلى شكل من أشكال الاستقرار عاجلاً أو آجلاً. لكنها في المقابل، ستراهن أيضاً بمبلغ 3 مليارات دولار على أن أسعار سندات اليوروبوندز سترتفع بعد إحياء القطاع المصرفي، ما يحقّق لها أرباحاً من شراء السندات. أي إنها ستستثمر في مقابل أن تكون هي الحصان الذي يجرّ عربة الحلّ، وهو ما يرفع درجة المخاطر في استثمارها في سوق سياسية بالكامل. وهذا ما يدفع أي مستثمر إلى التراجع خطوتين إلى الوراء. استثمار كهذا هو استثمار سياسي، لذا يصبح الرهان على نجاح فرنسي سياسي، بدلاً من أن يكون رهاناً على استقرار السوق. عملياً، ستكون الضمانات سيادية الطابع.
وهذه ليست العقبة الوحيدة أمام هذه الخطّة. فمسألة توحيد سعر الصرف، بما فيها ما يسمى «الدولار المصرفي» وإصدار تشريعات تحمي الدولارات «الفريش»، ليست أمراً سهلاً طالما أن الأمر مرتبط بحقوق المودعين الذين لا ينال بعضهم من كل ودائعه سوى 400 دولار شهرياً، وبعضهم الآخر يحصل على 300 دولار وغيرهما على 150 دولاراً. المهم، أن التمييز بين دولارات الودائع التي ستُحتسب في ميزانيات المصارف بسعر مختلف عن سعر القروض، ليس مسألة عابرة بالنسبة إلى المصارف الأجنبية التي سترى في الأمر عقبة تتعلق بتقارير التدقيق والتأثير على سمعتها العالمية. كما أنه بالنسبة إلى المصارف الأجنبية، ترتبط ضرورة توحيد سعر الصرف، بمجموعة واسعة من عمليات الاستثمار التي ستقوم بها في لبنان من ضمنها الإقراض في السوق وشراء الأسهم والسندات، فضلاً عن الضمانات القضائية الملازمة في هذه الحالة…
فوق ذلك كلّه، ثمة مسألة أساسية تتعلق بما يرتّبه هذا الحلّ على الخزينة اللبنانية من أكلاف قد لا يكون هناك استعداد لسدادها في ظل شحّ الموارد الحالية بالعملات الأجنبية. فهل سيعمل ميقاتي على أن يوظّف موارد الدولة بـ«الفريش» من أجل خدمة الدائنين لخلق مصارف جديدة في لبنان تلبية للضغوط الأميركية، بينما يحتاج لبنان إلى توظيف هذه الموارد في خدمة الاقتصاد؟ هل سيوافق منصوري على تسديد جزء من سيولة مصرف لبنان بالعملة الأجنبية (المسماة أموال المودعين) لتنفيذ خطّة كهذه؟