لا حلّ لبنانياً قبل نضوج تقاطعات واشنطن الإقليمية
يُنقل عن مسؤولين فرنسيين أنه كلما راجعت باريس واشنطن في شأن تطورات منطقة الشرق الأوسط وحرب غزة، يكون الجواب على شكل نصيحة بأن تولي فرنسا اهتمامها لتأمين سلامة الألعاب الأولمبية، ما يعكس حقيقة قيام الولايات المتحدة بخطوات منفردة في المنطقة لم تتكشّف تفاصيلها النهائية بعد. ما يعني لبنان في الحركة الأميركية أمران، هما: التطبيع السعودي مع إسرائيل والاتصالات القائمة لترتيبات بين واشنطن وطهران. لكنّ المشكلة في لبنان، أن حجم الانفصال بين اليوميات الداخلية والتطورات الإقليمية أصبح كبيراً إلى حد يترك سلبياته على التصور الذي يمكن أن يكون عليه مستقبل الوضع اللبناني. وقد تكون العبارة الأكثر فائدة في جولة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه قوله إن «لبنان لن يكون على طاولة المفاوضات إذا لم يُنتخب رئيس للجمهورية». ورغم أن العبارة غير جديدة بالمعنى السياسي، إلا أنها تعكس استمرار تخوف معارضي حزب الله من أن يكون هو وحده على طاولة التفاوض حين تنضج ظروف وضع لبنان على سكة الحل، خصوصاً في ظل تراجع أداء القوى السياسية الداخلية والانشغال بملفات ثانوية لا تقارب خطورة الواقع السياسي والعسكري جنوباً. وبين باريس وواشنطن والرياض وطهران، يخشى هؤلاء المعارضون من أن تنتج الاتصالات الإقليمية صفقة على حساب لبنان، تعطي للحزب حصة وازنة في خريطة طريق جديدة.حتى الآن، لم يتبيّن لمتصلين بالرياض وواشنطن أن هذا الأمر حتمي. ورغم أن التجربة مع الأميركيين تفيد بتوقع أي انقلاب في المواقف، إلا أن ما يجري بين واشنطن والرياض من جهة، وواشنطن وتل أبيب من جهة ثانية، وبين إسرائيل والسعودية والولايات المتحدة وإيران، كل ذلك ينبئ بأن أوان عقد صفقة شاملة لم يحن بعد. فرغم كل ما تثيره حرب غزة من تأثيرات سلبية في الرأي العام الأميركي والغربي، لا يزال مسار البيت الأبيض هو نفسه منذ 7 تشرين الأول. فاهتمام الأميركيين بالتطبيع بين السعودية وإسرائيل قائم وجدّي، ولم يتوقف لحظة واحدة حتى خلال الأيام الأولى للحرب، رغم أصوات عربية معترضة على الأداء العسكري الإسرائيلي. لذلك، تواصلت الاتصالات لتفعيل التطبيع، وإن بطريقة أكثر تستراً، قبل أن يقول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ما قاله في الرياض أخيراً.