“حرب المشاغلة” تستنزف الحزب وتكشف نقاط قوّته
يتفق معظم الخبراء العسكريين على أنّ الحروب تجري وفق استراتيجيات عسكرية تستخدم فيها كل التكتيكات والخبرات والوسائل المتاحة، لكنها تفتقر في المقابل إلى ما يُعرف بـ»استراتيجية الخروج»، التي تُشكّل المأزق الأساسي لها، وسط رزمة من التحديات والتجاذبات السياسية الإقليمية والدولية. وريثما تنضج التسويات على نار البيروقراطية الدبلوماسية وديناميكيتها البطيئة، تبقى الكلمة للميادين. ورغم شعار «وحدة الساحات» إلّا أنّ طبيعة المعارك تختلف بين حلبتي الصراع في قطاع غزّة ولبنان. إذ سجّلت الأيام الأخيرة، تطوّرات كبيرة في حرب «المشاغلة» أو الإستنزاف بين إسرائيل و»حزب الله» عند الجبهة الجنوبية. ما يسلّط الضوء على نقاط القوّة والضعف عند كلا الجانبين، وتطوّر مسرح الأحداث.
في هذا السياق، يشرح الخبير العسكري والإستراتيجي العميد المتقاعد خليل الحلو، أنّه على المستوى التكتيكي، تمكّن «حزب الله» من تطوير أدائه العسكري واكتساب خبرة مهمّة جرّاء حرب المواقع مع إسرائيل، وهذا ما ظهّرته نوعية الإستهدافات التي حقّقها. وارتكز بشكل كبيرٍ على استعماله المكثّف للإستعلام عبر المسيّرات الإستطلاعية الصغيرة، حيث يصعب كشفها عبر الردارات إلّا إذا اقتربت كثيراً منها، إضافة إلى وسائل مراقبة أخرى من مواقع غير مكشوفة كمداخل الأنفاق في سبيل رصد المراكز العسكرية الإسرائيلية المستحدثة ورميها بالأسلحة المناسبة وفق معلومات جديدة تتكوّن لديه.
أمّا بالنسبة للصواريخ، فيستعمل «الحزب» أنواع «الكورنيت» و»الكونكورس»، والصواريخ الموجّهة الدقيقة، ليس فقط ضدّ الآليات، إنما لقصف بنى تحتية وتحصينات وأبنية. في المقابل، يعتمد على الصواريخ العادية كالـ»كاتيوشيا» و»بركان» وفالق» وغيرها، لتركيز رماياته على بعض المستوطنات مثل «كريات شمونة»، «المطلّة» و»المنارة»، في محاولة لإلحاق الأذى والضرر في المباني والقرى الإسرائيلية أسوة بالقرى اللبنانية.
في المقابل، يرى الحلو أنّ التطوّر الحاصل في الجانب الإسرائيلي، هو العودة إلى إدراج أنفاق «حزب الله» على لائحة الإستهدافات وهذا ما شهدناه في الآونة الأخيرة، جرّاء الغارات الضخمة والكبيرة التي طالت العديد من البلدات والمواقع، أبرزها على سبيل المثال ما حصل قبل أسبوع تقريباً في عيتا الشعب وغيرها من القرى. والذخائر المستعملة من قبل الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن هدفها هو التدمير بعد خرق التحصينات، وهذا ما أدى إلى أصوات وارتجاجات قوية واسعة.