صحيفة بريطانية: انتصار روسيا في أوكرانيا سيكون خسارة للغرب والنظام الدولي
قالت صحيفة “The Telegraph” البريطانية، إنه “مع تراجع قدرات الجيش الأوكراني المنهك، فإن الدفة تميل لصالح الغزاة. وتتقدم روسيا عبر ركام ما كان يُعرف باسم مدينة مارينكا في دونيتسك، والتي ربما كانت ذات أهمية نفسية أكبر من الأهمية الاستراتيجية، وها هي الصواريخ تضرب كييف مرة أخرى. ولجأت سيدة أوكرانيا الأولى، أولينا زيلينسكا، إلى الـ”BBC” للتحذير من أن بلادها تواجه “خطرًا مميتًا”. والآن حان دور الأوكرانيين لمحاولة الاحتفاظ بما لديهم. وكما حدث في عام 1914، يمتد خط محصن على طول الجبهة، من دلتا الدنيبر إلى الحدود الروسية. وانتهت الحرب العالمية الأولى في النهاية جزئيًا لأن الحلفاء كان لديهم قوة بشرية أكبر”.
وتابعت الصحيفة، “هذه المرة، تعود الميزة الديموغرافية إلى روسيا، التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة أضعاف وربع عدد سكان أوكرانيا. لقد حولت روسيا ثلث إنتاجها المدني قبل الحرب إلى الأسلحة والذخيرة، وربما أصبحت متفوقة الآن في ما يتعلق بالطائرات المسيّرة. إن التكاليف الطويلة الأمد التي يتحملها الشعب الروسي نتيجة لهذا التحول إلى اقتصاد الحرب مروعة. لقد حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على رجاله الذين طالت معاناتهم بسنوات من الفقر والجوع. ولكن في الواقع، نجحت روسيا في تجاوز فصل الشتاء دون تحقيق اختراق أوكراني”.
وأضافت الصحيفة، “إن عدم تحقيق اختراق أوكراني لم يكن متوقعاً على الإطلاق عندما بدأ الهجوم المضاد في حزيران. كان متوقعاً أن تتمكن أوكرانيا من اختراق بحر آزوف، وهي الخطوة التي ربما كانت كفيلة بإنهاء الحرب. خلال عام 2022، أثبتت أوكرانيا أن روسيا لا تستطيع إعادة إمداد شبه جزيرة القرم عبر مضيق كيرتش. وكان من شأن كسر الجسر البري أن يترك القوات البرية الروسية في شبه الجزيرة معزولة. وكان بوسع أوكرانيا أن تقطع الكهرباء والغذاء، وكان من الممكن أن يفتح المجال للتفاوض”.
وبحسب الصحيفة، “إن السبب وراء التوقع الخاطئ هو أن أوكرانيا تمتلك الآن صواريخ طويلة المدى، وأدوات إزالة الألغام، ودبابات حديثة. وفي الوقت نفسه، أظهر تمرد الرئيس السابق لمجموعة “فاغنر” يفغيني بريغوجين مدى ضعف روسيا خلف القشرة الصلبة لخطوطها الأمامية. لكن الغزاة تعلموا من أخطائهم السابقة. وبينما سارعت أوكرانيا إلى تدريب رجالها على كيفية تشغيل أسلحتها الجديدة في الربيع الماضي، زرعت روسيا أميالاً من الألغام الأرضية، وبنت تحصينات، وحفرت خنادق، وجمعت طائرات مسيّرة. ولا يحتاج بوتين إلا إلى الصمود لمدة 12 شهراً أخرى. فحتى لو لم يتم انتخاب دونالد ترامب، فقد انقلب أعضاء الكونغرس الجمهوريون ضد الحرب”.
وتابعت الصحيفة، “بعد أن قرر بوتين لفترة طويلة البقاء داخل الحدود الروسية، ها هو قد قام بزيارة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي. ما الذي أعطاه الثقة للسفر إلى أماكن لها روابط أمنية مع الغرب؟ وهل من الممكن أن يكون قد تم التوصل إلى بعض الوفاق المبدئي؟ وهل كان من الممكن أن يُطلب من السعوديين أن يستمعوا إليه كمقدمة محتملة لمحادثات السلام؟ إن أي اتفاق يكافئ العدوان الروسي سيعطي إشارة لبقية العالم بأن حلف شمال الأطلسي، بكل ثرواته وأسلحته الجماعية، لن ينجح في تحقيق الهدف الأدنى المتمثل في إنقاذ الدولة التي تعهد أقوى عضوين فيها، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بحمايتها”.
ورأت الصحيفة أنه “لا يزال من الممكن تصور اتفاق سلام لا يكافئ العدوان بشكل علني. ولكن إذا انتهى الأمر بروسيا إلى ضم الأراضي بالقوة، فلن يكون الغرب وحده هو الذي سيخسر، إنما النظام الدولي بعد عام 1945 برمته”.