رابعة الزيات: عملي بالحقل التجاري ليس بجديد، والعمل الاعلامي لوحده ” ما بيطعمي خبز”
حاورتها: زينب برجاوي
جمعت بين الجمال والثقافة والحضور المتميز، شقت طريقها وفرضت نفسها بين كثيرات من أبناء جيلها، استطاعت أن تصنع لنفسها بصمة خاصة ومكانة مميزة، وبعملها الدؤوب على تطوير نفسها، استطاعت أن تصعد السلم درجة درجة ووصلت إلى القمة..
الإعلامية رابعة الزيات خصت “استجواب” بهذا الحوار الخاص والصريح حول مسيرتها الإعلامية وعلاقتها بحياتها الخاصة منذ البداية وحتى اليوم.
– مسيرتك الإعلامية بدأت منذ سنوات طويلة، أين ترى رابعة الزيات نفسها اليوم على الساحة الإعلامية؟
صحيحٌ أنني قد بدأت منذ فترة طويلة في مجال الإعلام إلاّ أنني قد وصلت متأخرة، ولذلك يشعر البعض أن مسيرتي طويلة رغم أنها لا تتعدى ال ١٣ أو ١٤ سنة.. مسيرتي بدأت بعد أن أصبح لدي أطفال، وحتى اليوم لا زلت أشعر أنني في طور التعلم، وهذا ليس تواضعاً، وإنما بالفعل أشعر أن كل تجربة جديدة تعلمني المزيد، وتُشكل إضافة لي، وكل مقابلة أُحضّر لها كما لو أنني بدأت اليوم في المجال الإعلامي.
– كيف تُقيمين هذه التجربة مع كل الصعاب التي واجهتك؟
بالفعل واجهتني صعوبات كثيرة وعراقيل ومطبات، بعضها فشل والبعض الآخر نجح، لأنه في الحياة لا وجود لنجاح مستمر وصعود تدريجي، وإنما هنالك خيارات على الإنسان أن يتخذها، فإما توصله سريعاً أو تصعد به السلم درجة درجة. أنا من الأسخاص الذين اجتهدوا كثيراً وصبروا واستخدموا وسائل وطرق أصعب ولكنها تترسخ أكثر، هي تجربة لا شك جميلة لأنه مع المصاعب تشعرين بمذاق النجاح أكثر .
– البعض إنتقد انتقالك للعمل في قناة سورية مقربة من النظام كما هو معروف عنها، كيف تردين؟
بالنسبة لإطلالتي الأخيرة، فأنا أعمل في قناة سورية خاصة، وهنا اسمحي لي أن أوجه سؤالي لجميع من انتقد او هاجم: إذا عمل إعلامي لبناني أو عربي بغض النظر عن جنسيته مع أي محطة أو مؤسسة عربية بمعزل عن هويتها وكان مهنياً وموضوعياً وشفافاً، هل يُنتقد؟
أنا لا أعتقد ذلك.. ولذلك أقول أنني أقدم الفرح والثقافة والفن للناس، وخياراتي الوطنية والعربية واضحة، وعملي في هذه القناة هو جزء من خياراتي.
– مع انتقالك للعمل في قناة “لنا”، هل يمكن القول بأن مشوارك مع قناة الجديد انتهى؟
لا نستطيع القول أن مشواري مع قناة الجديد قد انتهى بمجرد انتقالي لقناة لنا، وأكبر دليل على ذلك تقديمي لسهرة إطلاق البرامج قُبيل شهر رمضان المبارك على الجديد، وقريباً سأقدم سهرة العيد أيضاً.. لنا هي قناة سورية فضائية والجديد محلية فضائية، ولا تضارب فيما بينهما، ولست موظفة ثابتة في أي منهما، وإنما أعمل “فري لانسر”.
– إضافة لكونك اعلامية، رأينا رابعة تدخل عالم التجارة الواسع “اذا صح التعبير ” عبر حقائب يد تحمل اسم ابنتك كنز ومؤخرا عباءات تحمل اسمك.. هل هذه الخطوة تعتبر “برستيجاً” لا بد منه في عالم الفن والاعلام؟ أم أن مهنة الإعلام لم تعد “تُطعِمُ خبزاً” لوحدها؟
المرأة بشكل عام تُحب العمل كثيرا، وصحيح أنني قبل أن أدخل المجال الإعلامي قد عملت بالحقل التجاري ولذلك لست بجديدة على هذا المجال، عملت بالموضة وفي مجلة سيدتي لمدة ١١ سنة، ولذلك فأنا قريبة من هذا المجال، وأيضا بالفعل فإن العمل الإعلامي لوحده “ما بطعمي خبز”، كما أنني أفكر أنه وعلى المدى البعيد حين تمتلكين عملاً أخر ستكونين حرة أكثر وأقوى في اتخاذ القرار وصلبة أكثر في خياراتك، ويصبح بإمكانك رفض العروض وقبولها ليس لحاجة فقط، وإنما لقناعاتك الإعلامية، واللذة التي تشعرين بها حين تعملين.
– يُحسب لرابعة الزيات تواضعها وقربها من الناس بمعنى أن الشهرة لم تُغيّرك، ما رأيك بذلك ؟
صراحة لا جميل لأحد في التواضع وإنما هو تصرف جدا عادي وطبيعي.. ففي النهاية من نحن؟ نحن مجرد أناس عاديين شاءت الظروف أو الأقدار أو ربما سعينا لأن نكون تحت الضوء، وجاءت الفرصة والحظ والتعب وكل ما إلى هنالك لنكون معروفين أو مشهورين… قد يكون هنالك من هو أهم وأشطر وأكفأ مني، ولكن ظروف الحياة لم تسمح له أن يكون بهذا الموقع… لذلك الأمر بهذه البساطة، قد أكون اليوم على الشاشة وقد لا أكون غداً، وذاكرة التلفزيون قصيرة والأضواء مجحفة وغير دائمة، وما يدوم فقط هو ما يقوله الناس عنك سواء كنت متواضعاً أو قريباً من الناس أو صادقا او محترما للمهنة، هذا هو ما يدوم وكل شيئ آخر فانٍ ويرحل.
– أنتِ من بين “قلة” ممن يُجيدون تقسيم وقتهم بين العمل والعائلة والأصدقاء… كيف استطعت ذلك؟ ألم يشكل الجمع بينهم مجهودا إضافياً على حساب نفسك؟
صحيح أن تقسيم الوقت ليس بالأمر السهل، وكذلك بالنسبة لأن تُوَفقي بين العائلة والأصدقاء والعمل والبيت الذي يتفرع منه أكثر من أمر، ولكن بالنسبة لي أنا أشكر الله على الطاقة التي مدّني بها والقدرة على أن أقوم بأكثر من عمل وأركز في الجميع دون تقصير، لدي شغف بكل ما أقوم به ومتى ما توفّر هذا الشغف وكان دافعاً لك فإن بإمكانك أن تقومي بالعديد من الأمور من دون أن تشعري بالتعب، يجب أن يحب الإنسان الحياة ويشعر أنه بسباق وتحدي مع نفسه.. لأنه يعلم أن الحياة قصيرة، فعليه أن يعمل اليوم ما يريد عمله ولاحقاً سيأتي الوقت الذي يرتاح فيه، سواء بسبب المرض لا سمح الله أو الموت.
لذلك دائما حين أستيقظ أقول إن هذا اليوم قد يكون اليوم الأخير لي وعلي الاستفادة منه حتى النهاية، هذا التفكير ليس سوداوياً بقدر ما هو واقعي، لأنك ترى أمامك يوميا حالات تنهار أو أشخاص تنتهي فجأة سواء بسبب الموت أو المرض أو أي شيئ آخر، وهذا هو الدافع الرئيسي لأقوم بأكثر من عمل وأُجيده في الوقت عينه.
– هل تعتبرين نفسك محظوظة؟ ولماذا؟
لا أعتبر نفسي محظوظة، وإنما بات لدي قناعة أن الله معي، هو يرى كم أتعب وأنني أسلمته أمري وقلت له أنك يا رب تراني وترى كيف أعمل وأجتهد وأتعب وكيف أفكر تجاه نفسي وتجاه الآخرين، وترى الطريق الذي سلكته، أنا أشعر أن الله يأخذ مني شيئاً ليعطيني شيئ آخر.. ولذلك لا لست محظوظة ولم أكن يوماً محظوظة أو لعب الحظ دوره، أنا تعذبت وشقيت وتعبت وواجهتني الكثير من المصاعب والعراقيل ولم تكن يوماً مسيرتي سهلة.
– هل من شيء تندمين عليه في حياتك؟
لم أندم يوما ولا وجود للندم في قاموسي، كل غلطة مرت في حياتي سواء بقرار شخصي أو بقرار من الآخرين(من الأهل مثلا حين تكونين صغيرة) لم تشعرني بالندم او تدفعني للتوقف.. نعم مررت بأخطاء وتعلمت أن أتلافاها لاحقا، بهذه البساطة كان الأمر بالنسبة لي، وأنا أعتقد أنني لم أكن لأصل لما أنا عليه لولا هذه الأخطاء والمصاعب.
– هل كنت تتوقعين لرابعة أن تصل لما وصلت اليه اليوم من نجاح وشهرة؟
لم أتوقع يوماً أن أصل لما أنا عليه اليوم، ولكنني شعرت دوماً – حتى حين كنت في ظروف اجتماعية وجغرافية مختلفة عن الإعلام والشهرة- أنني سأُشكل فرقاً بما سأعمله، وسأكون تحت الأضواء سواء بالتمثيل أو الإعلام أو أي شيئ له علاقة بالفن، وليس بالضرورة الفن المتعارف عليه وإنما بتصميم الديكور مثلا، أما ما وصلت إليه فلم أتوقعه ولكنني توقعت “اسمي ينحكى فيه” بطريقة أو بأخرى.
– كيف استطعت أن تحجزي لنفسك مكاناً في الساحة الاعلامية رغم اتزانك والتزامك بمبادئ لم تحيد عنها، وقت كان الابتذال هو المعيار الاساس وجواز السفر الى عالم الاعلام في الآونة الأخيرة؟
مما لا شك فيه ان الشكل يلعب دوره في البداية، يمكن القول أنه جواز مرور وعبور لتكون لك طلتك على الشاشة، وبعد ذلك عليك القيام بالكثير من الأمور سواء بالتعب ومواجهة التحديات وعدم الاستسلام وقول لا .. كلها تفاصيل ولكن عليك القيام بها، وجميع من يعمل اليوم سواء بالإعلام أو اي مهنة أخرى يعلم ما يعني تقديم التنازلات أو عدم تقديمها وكيف يصبح الوصول أصعب حينها، ولكن صحيح أنها أصعب لكنها تضمن الاستمرارية أكثر لأن جذورها تصبح أقوى، ويُرافقها الاحترام والصدق.
اجمل شيئ هو حين يقول أحدهم أن هذا الإعلامي ناجح ولكنه محترم لنفسه، وهذا الشيئ ليس بالأمر السهل، وقد تدفعين أثماناً من التعب والجهد المضاعف مقابله ، ولن تفرش لك الأرض ورداً ولن تكوني ضمن الاولويات لجهات معينة.. يمكن القول أنه الصبر وأنا الحمدلله أتحلى بنعمة وميزة الصبر وكل شيئ في حياتي أصبر عليه للنفس الأخير، الصبر هو ما أوصلني إلى ما أنا عليه وهذا ما قلته في بداية حديثنا حين تطرقنا للحظ والقدر، أنا أؤمن بالقدر ولكنني أؤمن أكثر بمقومات الإنسان وكم يعمل على نفسه وكم يمتلك من الصبر، وهذا ما سمح لي بحجز مكان لي رغم كل الصعوبات والتحديات في هذا العالم الصعب والذي يزداد صعوبة كل يوم.
– هل ترين في ابنتك “كنز” مؤهلات إعلامية؟
وهل تشجعينها فيما لو اختارت ذلك في المستقبل؟
لا أعلم إن كانت تمتلك مؤهلات إعلامية، ولكن أستطيع أن أرى ميولها الفنية، كنز تمتلك أذن موسيقية وتحب الموسيقى، تتعلم العزف على البيانو وتحب الرقص، ولديها ذكاء وحضور اجتماعي مميز.. لم تقل يوماً أنها تريد أن تصبح إعلامية أو تقوم بما يقوم به والدها ووالدتها، ولكن الميول الفنية لديها واضحة، كما أن صوتها جميل وهذا ما يؤكده كثيرون لي..
سواء اختارت كنز الإعلام أو غير الإعلام أنا لا أقف بوجه ما يريده أي من أبنائي، أخذتُ هذا القرار منذ زمن وهذا ما قمت به مع أبنائي الأكبر سناً، يستطيع ابني أن يقوم بما يريده طالما كان يمتلك شغفاً به، لأن الشغف هو العامل الرئيسي للنجاح، ولا يهم ان كنت أنا أحب المهنة أو لا ما دمت أرى شغفهم بها، ولذلك اذا اختارت كنز الإعلام سأشجعها بالتأكيد ان كانت تمتلك حباً وشغفاً بها.. أنا ووالدها “نربيها صح” ونحصنها ونقدم لها كل المبادئ التي يجب أن تكون موجودة لدى كل إنسان، وما يتبقى هو اختيارها لنفسها.
– ماذا عن زوجك الاعلامي زاهي وهبي، أين موقعه من نجاحك اليوم؟
زاهي موجود في حياتي ونجاحي منذ اللحظة الأولى لتعارفنا.. عندما تعرفت عليه لم أكن معروفة وكنت أعمل في قناة “ان بي أن” وهي محطة نوعاً ما انتشارها محدود لبنانياً وعربياً، ولذلك عدد قليل عرفني أو سمع عني حينها.
عندما بدأت لاحقاً علاقتي بزاهي ثم العلاقة العلنية والزواج، بدأ البعض يسأل من هي زوجته، وتكون الإجابة بأنها الإعلامية في قناة “ان بي ان”، وبدأت الناس تتابعني حينها وبدأت شهرتي في البداية من خلال شهرة زاهي وهذا بكل تأكيد يدعمك ويزيد من معرفة الناس بك.
لاحقاً بدأت العمل في قناة الجديد وكان لي فرصة ان يكون لدي برنامج شعبي جماهيري فني وصل إلى شريحة كبيرة “بعدنا مع رابعة”، وهنا يمكن القول أنني بدأت حصد تعبي وجهدي.. ولكن إذا أردت الحديث عن دور زاهي في نجاحي مهنياً طوال السنوات الماضية، فكان ذلك من خلال حضوره الدائم إلى جانبي ومبادئه ونصائحه التي يقولها بشكل مباشر أو غير مباشر، لم يتدخل يوماً بعملي، قد أسأله عن أحد الضيوف إذا كان يعلم عنه تفاصيل إضافية إذا كان له علاقة بالفن أو الثقافة، ولكن مما لا شك فيه أنني تأثرت بأسلوبه فقد كنت أتابعه قبل أن أبدأ مسيرتي الإعلامية وكنت معجبة جداً بأسلوبه ومتأثرة به وكان مثلاً أعلى بالنسبة لي، ولذلك بكل تأكيد أخذت الكثير منه دون أن أعلم ودون أن يتقصّد هو ذلك، لديه لا شك بصمة كبيرة جدا في حضوري الإعلامي.
– متى يمكن لرابعة أن تستقيل من مهنة المتاعب وتقول لنفسها كفى؟
لا أستقيل من مهنة المتاعب إلا إذا شعرت يوماً أن الشغف لم يعد موجوداً، لكن طالما الشغف موجود فأنا سأستمر خصوصاً أنني أحب هذه المهنة كثيراً، وما يجب أن نقوم به هو المواكبة والنجاح هو في قدرتنا على الاستمرار بهذه المهنة في عصر السوشيل ميديا.
لا شك سيتأثر “التلفزيون على المدى البعيد” ونجاحنا يعتمد على القدرة على تكييف هذه المهنة مع عصر السرعة، وهذا هو التحدي الأكبر لاستمراريتها.