اكتشاف مياه بحرية قديمة عمرها 20 ألف عام
بالرجوع إلى العصر الجليدي، كان كوكب الأرض مختلفا تماما عما هو عليه اليوم، لأن المياه كانت محصورة في الأنهار الجليدية بسمك مئات الأقدام، والتي امتدت فوق شيكاغو ومدينة نيويورك، فقد كان حجم المحيط أصغر حيث امتدت الشواطئ على بعد مئات الأميال، كما كانت المياه المحيطية أكثر ملوحة وأكثر برودة.
أدلة جديدة
أعلنت دراسة حديثة مشتركة ما بين جامعات شيكاغو وبرينستون وميامي، عن اكتشاف أول بقايا مباشرة من هذا المحيط، والتي تمثلت في تجاويف مليئة بمياه بحرية تعود إلى العصر الجليدي، كانت مدسوسة داخل تكوينات صخرية في وسط المحيط الهندي.
وعلقت كلارا بلتلر الكاتبة الرئيسية في الدراسة والأستاذة المساعدة للعلوم الجيوفيزيائية في جامعة شيكاغو، لموقع الجامعة قائلة “في السابق، كنا نعتمد على الدلائل غير المباشرة لتطوير سيناريو عن مياه البحر منذ العصر الجليدي الأخير، مثل الشعاب المرجانية والتوقيعات الكيميائية من الرواسب في قاع البحر”، وأضافت “لكن بالنظر إلى كمية الأدلة الجديدة المكتشفة لدينا، يظهر جليا أننا نمتلك الآن جزءا حقيقيا من هذا المحيط الذي يبلغ عمره 20 ألف عام”.
شيء غير عادي
وقامت بلتلر مع أعضاء الفريق بمهمة علمية استمرت أشهرا عدة لاستكشاف رواسب الحجر الجيري التي تشكل جزر المالديف، وهي مجموعة من الجزر الصغيرة في وسط المحيط الهندي. وقد صممت السفينة التي حملت الطاقم في هذه الرحلة خصيصا لعلوم المحيطات، حيث إنها مجهزة بحفار لاستخراج عينات صخرية من أماكن متفرقة على مسافة تزيد عن ميل وعلى عمق يصل إلى ثلاثة أميال تحت قاع البحر.
ثم أفرغ العلماء الماء بطرق عدة كاستخدام مكبس هيدروليكي للضغط على المياه وإخراجها من الرواسب.
وقد اهتم الفريق بدراسة هذه الصخور بالفعل لتحديد كيفية تشكل الرواسب في المنطقة، والتي تتأثر بدورة الرياح الموسمية الآسيوية السنوية. لكن عندما استخرجوا الماء، لاحظوا أن اختباراتهم الأولية كانت تظهر معدل ملوحة شديدة للمياه المدروسة، وهي أكثر ملوحة من مياه البحر العادية. كان هذا أول مؤشر على وجود شيء غير عادي هناك.
وبالفعل أخذ الفريق قوارير الماء مرة أخرى إلى مختبراتهم، وأجروا مجموعة صارمة من الاختبارات على العناصر الكيميائية والنظائر التي تشكل مياه البحر.
وأشارت جميع بياناتهم إلى الشيء نفسه: لم تكن المياه من محيط اليوم، ولكنها كانت آخر بقايا حقبة سابقة تسربت ببطء عبر الصخور.
الدوران المحيطي
يهتم العلماء بإعادة بناء تاريخ العصر الجليدي الأخير نظرا لاختلاف أنماط تشكله والمناخ والطقس المصاحب له آنذاك عما هي عليه الحال اليوم، وبالتالي فإن فهم هذه الأنماط يمكن أن يساهم في التنبؤ بكيفية تفاعلات المناخ المستقبلي في كوكبنا.
ويؤمن العلماء بأن دوران المحيطات هو العامل الرئيسي في تقلبات المناخ، وهو ما يحاول العلماء فهم سيناريو ظهوره خلال العصر الجليدي.
وترى بلتلر أن “خصائص مياه البحر التي وجدناها في جزر المالديف تشير إلى الدور الكبير الذي لعبته ملوحة المحيط الجنوبي في التأثير على الدوران المحيطي هناك وذلك بشكل أكبر مما هو عليه اليوم”. ويعمل الفريق الآن على توسيع نطاق البحث من خلال تحديد أماكن أخرى محتملة لتجاويف صخرية تحتجز مياها قديمة.