بعد فك شِفرتها العامة.. ما اللغة التي يتحدث بها النحل؟
تمكن علماء من فك الشِفرة العامة للغة النحل في العالم، وفق ما أعلنه فريق بحثي بقيادة روجر سكيرتش من قسم علم الحشرات بجامعة فرجينيا للتقنية.
وتقول النتائج التي نشرت مؤخرا في دورية “أنيمال بيهافيور”، إن الفريق البحثي تمكن من دراسة حركات أنواع مختلفة من النحل في ثلاثة أعشاش (قفران) تقع في ثلاثة أماكن مختلفة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
النحل الراقص
وكان كارل فون فريش عالم سلوك الحيوانات الحاصل على جائزة نوبل في الطب عام 1973، قد توصل إلى أن الرقص لغة النحل، وأن مدة الرقصة وشدة الاهتزاز وزوايا الحركات هي التي تحدد المعاني في تلك اللغة.
فمثلا، حينما تبحث النحلة عن الغذاء وتريد أن تخبر بقية المجموعة بذلك، فإنها تقدم رقصة دائرية بنفس اتجاه عقارب الساعة إذا كان موضع الغذاء المحتمل قريبا من (القفير)، وإن كان بعيدا تكون الرقصة على شكل الرقم 8.
وتحدد النحلة الاتجاه الخاص بمصدر الغذاء من خلال اتجاه جسمها أثناء الرقص، فإذا كان اتجاه جسم النحلة إلى الأعلى فالمنزل الجديد في اتجاه الشمس، والعكس صحيح.
مشكلات بحثية
لكن نتائج فريش لم تكن عامة، حيث ظهر أنه لكل سلالة من سلالات النحل رقصات خاصة. كما ظهر أن النحلة نفسها يمكن أن تغير الرقصة الخاصة بها رغم أنها تشير إلى نفس موضع الغذاء، فضلا عن أن بعض النحل قد يستخدم رقصات مختلفة قليلا لتشير إلى نفس الموضع.
وبحسب الدراسة الجديدة، فإن إحدى المشكلات التي واجهت النموذج القديم هي أنه اعتمد على قياس المتوسطات، ولم يتتبع النحلات الخاضعة للتجارب بشكل منفرد.
في تلك النقطة يتدخل فريق جامعة فرجينيا للتقنية ليفحص 85 نحلة -على حِدة- بداية من العام 2016، وتطلب ذلك أن يتم ترقيم كل نحلة وتصويرها بكاميرا فيديو على مدى شهور عدة.
كما تمكن أفراد الفريق البحثي من تدريب تلك النحلات على تتبعهم لمسافات أكبر فأكبر بعيدًا عن القفير، ثم دراسة تأثير ابتعاد المسافة على شكل الرقصة، وبعد ذلك جمع الفريق كل تلك البيانات وسعى لإيجاد أنماط جديدة في حركات النحلات تشترك فيها جميعهن عبر برامج حاسوبية مخصصة لتلك المهمة.
لغة عالمية
وبحسب الدراسة الجديدة، فإنه أمكن تطوير النموذج السابق لرقصات النحل بصورة جعلته أكثر عمومية، بحيث يمكن أن ينطبق على كل فئات النحل في العالم.
ويأمل باحثو الدراسة أن يتمكن النموذج الخاص بهم من تزويد العلماء في جميع أنحاء العالم بمخطوطة عالمية لفك شفرات لغة النحل، بحيث تساعد بشكل أدق على تحديد تحركات ومواضع النحل بين الأعشاش والغذاء.
ويفيد ذلك كثيرا في تهيئة البيئة من أجل النحل، بحيث يمكن الحفاظ على أعداده دون تناقص، فبدون الحشرات كالنحل لا يمكن تلقيح النباتات، وإذا جاء يوم اختفى فيه النحل من العالم فسنواجه كارثة بيئية قد تؤثر على بقاء كل أشكال الحياة على كوكب الأرض، بما في ذلك البشر.