شبكة استجواب الاخبارية
تعمل شبكة استجواب الاخبارية من مقرها دولة لبنان وهي شبكة إخبارية تقدم محتوى مميزاً وتغطية شاملة لأخبار المنطقة والعالم من خلال شبكة متكاملة.

زاهي وهبي: ” التضحيات العظيمة عبر التاريخ لم تخلدها كتب التاريخ، بل خلدتها القصائد والاغنيات”

حاورته كارول طليس
زاهي وهبي شاعر وإعلامي لبناني ولد في الخامس من مايو ايار من العام 1964 في بلدة عيناتا الحدودية في قضاء بنت جبيل في جنوب لبنان، وهو متزوج من الإعلامية اللبنانية رابعة الزيات. بدأ مشواره في مجال الصحافة ثم اتجه الى تقديم البرامج التلفزيونية بالقنوات الفضائية, اشتهر بتأليف العديد من المؤلفات الشعرية ومنها في مهب الريح، حطاب الحيرة، صادقوا قمرا، إنتظار الغريبة.

في الروشة في بيروت، في مقهاه المفضل “مقهى الروضة ” مصدر الهامه التقيت الشاعر زاهي وهبي لإجراء حوار معه حول مسيرته الشعرية والكتابة والحياة.

في هذا الحوار نتعرف إلى زاهي وهبي بابتسامته الدافئة ومزاجه الرائق اللذين يضفيان على الحوار رونقا مختلفا.

– متى بدأت مسيرتك الشعرية ؟
ولدت شاعرا أؤمن بالجينات الابداعية , جد أمي كان شاعرا وفقيها ورجل دين , عائلة والدتي هي عائلة شعراء وعلماء وفقهاء ورثت عنها الكثير , عن والدتي مباشرة وعن عائلة والدتي من خلالها ومن خلال مروياتها التي كانت ترددها على مسامعي صغيرا والقصائد التي كانت تلقيها أمامي فضلا عن الكتب الدينية قصص الأنبياء والأدعية الرمضانية وما شابه ذلك ,لذا من الصعب أن أحدد تاريخا أو فترة أو مرحلة زمنية أو أتذكر أول قصيدة كتبتها وأشعر أنني ولدت شاعرا ووجدت نفسي في هذه المعمعة .

– مسيرتك الاعلامية لم تخرج عن الإطار الثقافي والأدبي وهل كان ذلك مقصودا لتظهر شخصية زاهي وهبي الأدبية ؟
بدأت أقرأ شعراء الجنوب , شعراء فلسطين ولاحقا حين أتيت إلى بيروت تعرفت إلى شعراء ما يسمى الحداثة الشعرية وعملت إلى جانب البعض منهم في الصحافة في جريدة النداء وجريدة النهار وأعتز أني عملت مع شاعر كبير من أبرز شعراء قصيدة النثر في لبنان والعالم العربي الأستاذ شوقي أبي شقرا ,عملت معه في جريدة النهار لمدة ثماني سنوات متصلة , تعلمت منه الكثير على مستوى المهنة الصحفية وأيضا على مستوى النظرة الثقافية الرحبة الواسعة للأمور وعدم الانزلاق وعدم التعصب لفكرة أو لنظرة واحدة تجاه الشعر لذلك أقول إنني أعيش في هذه الرحى الكبيرة المسماة الشعر والنثر والكتابة عموما .

– في ظل تظاهرات الأسماء التي تتبنى لقب شاعر , ماذا يقول زاهي وهبي عن هؤلاء؟
وسائل التواصل والميديا مثل أي أمر في الحياة لها وجهان الإيجابي والسلبي. الوجه الإيجابي هو أنها أعطت منبرا لكل انسان ليعبر عن نفسه وأنا لست ضد أن يستطيع أي شخص أن يقول ما لديه سواء من خلال الصورة , الكلمة , النوتة أو اللون .كسرت هذه الوسائل احتكار الإعلام التقليدي والمنابر الصحافية التي كانت مغلقة أمام الشباب وأمام المواهب البعيدة عن المدن و كان هناك نوع من المركزية في العواصم وأيضا بعض الشلالية الثقافية بمعنى ان وسائل إعلام الميديا الحديثة كسرت الاحتكار وفتحت مجالا واسعا أمام الجميع ,واكتشفنا من خلالها مواهب رائعة ومبدعين في كل المجالات , ولكن مثل أي أمر الى جانب القمح هناك الزوان وللاسف أن الزوان كثيف ويملأ هذا الفضاء الافتراضي.

أنا لا أنكر على أي أحد حق المحاولة والتجربة ولكن أتمنى على كل من يؤيد أن يقدم نفسه كشاعر أو كاتب أو فنان أن يلم على الاقل بالقواعد الأولية لأي مسألة يريد أن يتقنها ,لا نستطيع أن نكتب الشعر أو النثر إذا لم نتقن اللغة العربية , اللغة الام التي ليست فقط وسيلة للتخاطب اليومي بل هي مشاعر وأحاسيس وكل ما نحمله من إرث وجداني قومي

فهناك مجازر ترتكب بحق اللغة العربية فهذه مسؤولية شائكة ومعقدة تبدأ في البيت , في المدرسة وفي الجامعة ولا تنتهي بالمريدين والمصففين. فهذه دعوة للشباب والقراء أن يهتموا باللغة العربية لأنها واحدة من أجمل لغات العالم بدون تحيز بإجماع كل علماء اللغة في العالم .

– قصيدة زاهي وهبي بالبعد الوطني ماذا أحدثت من تغيير وهل كانت القصيدة الوطنية عند زاهي وطنية أم أنها عبرت عن مخزون أراد زاهي أن يخرجه عبر كتبه؟
كلاهما , كما ولدت شاعرا ولدت منتميا لوطني لبنان أرض الجنوب المباركة لأنها مجبولة بدماء الشهداء وبعرف الفلاحين ودموع الأمهات وبكل ما يجعلها بمثابة أرض مقدسة بالنسبة لي ,أنا ابن قرية على بعد أمتار من فلسطين المحتلة ولدت على وقع العدوانية الإسرائيلية ,على هذا الاحتلال اللئيم يقصف قرانا ويحتل أجزاء كبيرة من جنوب لبنان مدة 22 سنة .ولدت ونشأت في زمن المد القومي العروبي واليسار والثورة الفلسطينية , كل البيئة التي أنتمي اليها من أهل المقاومة في الجنوب وفي لبنان لذلك القصيدة الوطنية عندي هي تحصيل حاصل هي كالهواء الذي أتنفسه كنبض القلب ليست مجرد مواكبة للعمل الوطني بل هي جزء من هذا العمل الوطني هي جزء من مسيرة حياتي وهي في نفس الوقت نوع من المؤازرة فاذا كانت الرصاصة أو دم الشهداء هو الذي يحرس الأرض والعرض دائما أقول من الذي يحرس دم الشهداء ,تضحيات الناس وطرد هذا المحتل غير “الحبر”

الحبر الذي نكتب به سير هؤلاء الشهداء والأمهات والأباء والزوجات والأبناء الذين بذلوا كل ما لديهم في سبيل أن يعيشوا حياة كريمة طبيعية .الحبر هو أمام مسؤولية لا يستطيع أن يؤازر هذا الدم المبارك, ليست المسألة المفاضلة بين الرصاصة والكلمة, فحين نكتب ليست فقط من أجل الشهداء والمقاومة بل نكتب لأجل الوطن بأكمله ,لاجلكل إنسان في العالم يُقاتل دفاعا عن أرضه وحريته وكرامته, بهذا المعنى القصيدة ضرورية ومطلوبة وعليها مسؤولية أيضا.

القصيدة والنص الأدبي والفني أشد إلحاحا وأكثر ضرورة في مثل هذه الازمة لانه يواجه خراب الروح ويواجه خراب الأفكار ,وإذا كنا نواجه التفكير فالكلمة هي مفتاح التفكير لذلك نتمسك بها أكثر, نبشر بها أكثر, فكل التضحيات العظيمة عبر التاريخ لم تخلدها كتب التاريخ في بل خلدتها القصائد والاغنيات .

– ماذا عنى لك المعتقل؟
تم اعتقالي في صيف العام 1982 أثناء الاجتياح الاسرائيلي, دخلت معتقلات الاحتلال في فلسطين المحتلة وجنوب لبنان .

المعتقل تجربة تعلمت منها الكثير, طبعا في لحظتها كانت فترة صعبة وقاسية ولكن مع الوقت وبعد التحرر من الأسر وبعد مرور سنوات أنظر إليها كتجربة صهرت في ذلك المراهق الذي كنته,عندما دخلت المعتقل في السابعة عشر من عمري ولكن عندما خرجت لاحقا كنت أكبر بكثير من عمر ثمانية عشر سنة , كنت رجلا قبل الأوان وفي هذه اللحظات القاسية والصعبة تتكثف المشاعر

يتعلم الإنسان من خلال أيام ما لا يمكن أن يتعلمه أحيانا من خلال سنوات وربما أهم ما تعلمته في المعتقل ,غير اكتشاف حقارة المحتل الإسرائيلي هو أن الحرية ليست فقط التظاهرات والشعارات الكبرى والهتافات ولا حتى القصائد , ولكن الحرية تكمن في التفاصيل الصغيرة التي نعتبرها ونعيشها اليوم كتحصيل حاصل, لذلك تعلمت احترام حرية الفرد, تبدأ حرية الجماعة بحرية الفرد.

– ما الحلم الذي لم يستطع تحقيقه زاهي وهبي الى الآن؟
أحد احلامي كان أن أبني مكتبة في عيناتا باسم أمي في جنوب لبنان ولكن بناء المكتبة صعب وفوق إمكانيتي المادية ولكن هناك فكرة بإهداء مجموعة الكتب التي اقتنيها وأمتلكها وهي بالآلاف ما يفوق العشرين أو الثلاثين ألف كتاب ,أن أهديها إلى المكتبات العامة في المنطقة وأن تسمى إحدى قاعات المكتبة على اسم والدتي وتحدثت عن هذا الأمر مع البلديات وهو قيد البحث.

مسألة أخرى , أصدرت حتى اليوم أحد عشر كتابا وديوانا شعريا والعديد من كتب النقد والمختارات الشعرية التي صدرت لي في عدة مدن بلغ عدد الكتب واحدا وعشرين كتابا . ولكن حتى الآن لم أكتب عن المعتقل وتجربة الحرب والاجتياح الإسرائيلي وأنا بصدد كتابة هذه التجربة. وأطلب دائما من أصدقائي وممن يعرفون بعض التفاصيل والقصص عني أن يكتبوا, وأن أروي هذه المرحلة وهي مهمة جدا فهي ليست رواية شخصية بقدر ما هي رواية جيل من الشباب اللبناني عموما والجنوبي خصوصا, سواء ما قبل الاجتياح الإسرائيلي وما بعد الاجتياح, ما قبل المعتقل وما بعده وما قبل التحرير وما بعد التحرير وكل ذلك في جعبتي ,الكثير مما قد يقال.

– هل ترى عند ولديك التدفق والإقبال على كتابة الشعر؟
شخصية إبني “داني” قريبة جدا من شخصيتي ولكن لم تتضح بعد الميول الحقيقية له فهو لا يزال نسبة لأبناء جيله من الفتيان, بلغ إحدى عشرة سنة من عمره , جل اهتمامه تأخذه كرة القدم والبلايستايشن والألعاب الإلكترونية .ولكن شخصيته لناحية التأمل والانزعاج من الضوضاء والضجيج هي تركيبة نفسية وعاطفية تشبهني كثيرا.

اما ابنتي “كنز” وهي في العاشرة من العمر فهي فنانة بكل ما معنى الكلمة, لديها أذن موسيقية ممتازة , صوت جميل بشهادة كل الأصدقاء الفنانين , تتعلم العزف على البيانو وهي عازفة جيدة رغم أنها لا تعطي التمارين الوقت المطلوب .

– قلت بأن ابنتك “كنز” لديها أذن موسيقية ,هل زاهي وهبي يرفض دخول ابنته الوسط الفني وأن تصبح مطربة مثلا؟
لا أعرف ماذا ستختار أن تغني, أن تعزف البيانو أو تؤلف الموسيقى ولكن أي كان الاتجاه نحن علينا أن نؤسسها جيدا ,سأضعها على سكة تختار نوع الفن الراقي , أن تكون على خطى السيدة “جوليا بطرس ” أو السيدة ” فيروز ” أوالسيدة أميمة الخليل , يعني بهذا النمط من الغناء وليس الغناء التجاري.

نستطيع أن نغرس فيها هذه الأفكار والمبادئ والنظرة إلى الفن باعتبار أنه أمر إنساني عميق وليس مجرد وسيلة شهرة أو تجارة.

– في النهاية أشكرك على منحي من وقتك وكلمة أخيرة من زاهي وهبي لأسرة وقراء مجلة استجواب .
وأنا أيضا أشكرك مع جزيل الامتنان. نتمنى أن تكون مجلة استجواب منبرا يتحلى بالمصداقية والنزاهة وأن تحظى المجلةبالنجاح والتقدم والاستمرارية لأن النجاح أحيانا يحصل ولكن الأهم هو الاستمرارية,

وأتمنى لأسرة وقراء استجواب كل خير وكل فرح وكل حب , نحن بحاجة في مجتمعاتنا العربية الى الكثير من الحب يملأ الفضاءالالكتروني وغير الالكتروني للإعلام التقليدي والإعلام الحديث ,كلما ارتفع منسوب الحب والإيجابية يتراجع منسوب الكراهية والسلبية وهذا ما يحتاجه الإنسان العربي اليوم وفي مجتمعاتنا التي تحتاج إلى من يبث فيه مشاعر الحب والأفكار الإيجابية, بالرغم من كل هذا الخراب العربي نحن أمة لديها الكثير من الطاقات الإيجابية ومنافذ ضوء .

أنا أرى البصيص في نهاية النفق لا يمكن للواقع أن يستمر على ما هو عليه اليوم , دائما بعد كل كبوة هناك رهان على وعي الشباب وهم كثر على عكس ما يظن المرء , واكثر ما تحتاجه مجتمعاتنا قبل الشعارات والتغيير تحتاج إلى تنمية بشرية واجتماعية مثل التعليم الجيد , وفرص عمل ومحو الامية…….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار
لتطوير الطائرات المسيرة... مركزٌ روسيٌ قيد الإنشاء! "بالشتم والضرب"... الاعتداء على نائب رئيس المجلس العام الماروني! هجوم مسلح في الاشرفية... اليكم التفاصيل! الحزب يهاجم اسرائيل بصاروخ "مدمر" جديد… وموجات الكترونية سامة تتسبب بمجزرة! هل خسرت الصهيونية قدرتها على الإقناع؟ في هجومين منفصلين.. هذا ما استهدفه حزب الله صباح اليوم تغير المناخ سيكبّد الاقتصاد العالمي خسائر "صادمة"! بعد التصعيد على أكثر من جبهة... هل يتحول الصراع إلى "حرب مفتوحة"؟ بلبلة" داخل مستوطنات إسرائيلية قرب لبنان.. ما السّبب؟ سرايا القدس تقصف حشوداً إسرائيلية! هجوم إيران "رسالة تحذيرية" من إسرائيل... جنرال أميركي يكشف! نتنياهو: "نتعرض لتهديد وجودي... لا يمكن مواجهته إلا بالوحدة" إسرائيل رفضت مرتين التوصل لصفقة تبادل أسرى عائلات أسرى إسرائيليين تغلق شارع 1 للمطالبة بصفقة تبادل الحرب في يومها الـ197: شهداء وجرحى في رفح وقصف عنيف يوميًا بأنحاء القطاع استشهاد 37 فلسطينيا في قطاع غزة خلال 24 ساعة- تضل الطاسة ضايعة"... لبنان في حالة "عمى إحصائي" مقصود! الضربات بين "إسرائيل وإيران" كشفت حقيقة قدرات الجيشين! هل تنسحب قطر من الوساطة لصالح تركيا وهل تتخلى "حماس" عن "كتائب القسام"؟ وزير الخارجية المصري يجري مباحثات مع نظيره التركي في أنقرة صحيفة تكشف عن بوادر تفهم أوروبية لقضية النازحين السوريين في لبنان القيادة السياسية لـ"حماس" تعتزم الانتقال من قطر إلى دولة عربية أخرى