ديموقراطية أميركا تحت قدمَي إسرائيل
كما كان متوقّعاً، باشرت جامعات أميركية عدة، وفي مقدّمها «تكساس»، و«فوردهام»، و«أريزونا»، و«ويسكونسن ماديسون»، وبتشجيع ضمني من السلطات الفيدرالية، ما كانت قد توعّدت به من إجراءات قمعية بحق طلابها المشاركين في الاحتجاجات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني، والمطالبة بقطع العلاقات الأكاديمية والاستثمارية بين جامعاتهم وكيان الاحتلال الإسرائيلي، ووقف تمويل «الإبادة الجماعية» في غزة. وعكس أحدث فصول قمع الاحتجاجات الطالبية، وتحديداً في جامعتي «كاليفورنيا» في لوس أنجليس و«كولومبيا» في نيويورك، والتي تجاوزت حصيلتها 1700 معتقل في نحو 30 حرماً جامعياً في مختلف أنحاء البلاد منذ بدء «الحراك الطالبي» أواسط الشهر الماضي، من بينهم 300 من «جامعة كولومبيا» و«كلية نيويورك»، شكلاً من أشكال التواطؤ بين الإدارة والكونغرس من جهة، وبين إدارات تلك الجامعات من جهة ثانية. وفي الوقت نفسه، حمل إصرار المحتجين على مطالبهم، سواء في «جامعة كولومبيا» أو في جامعات أخرى كـ«معهد ماساشوستس للتكنولوجيا»، الذي شهد أخيراً فشل اجتماع بين رئيسته ووفد الطلاب، مؤشراً إلى الارتدادات العكسية للنهج الأمني في التعامل مع الاحتجاجات.
من «كولومبيا» إلى «كاليفورنيا»… ما الذي جرى؟
بعد يوم واحد من قمع الطلبة المؤيدين لفلسطين في «جامعة كولومبيا» و«كلية نيويورك»، وسط تعتيم إعلامي واسع، وتحديداً خلال الساعات الأولى من ليل الثلاثاء – الأربعاء، حذت إدارة «جامعة كاليفورنيا» حذو زميلتيها، مفضّلة خيار استدعاء الشرطة على أمل وضع حد للاحتجاجات الطالبية داخل باحاتها. وفور صدور قرار الاستدعاء، شرعت لوس أنجليس في تعزيز انتشارها في حرم «كاليفورنيا»، استعداداً لفض خيم الاعتصام الداعم لغزة بالقوة، بدعوى رفض الطلاب نداءات رئاسة الجامعة لتفكيك تلك الخيم. ووفق بعض المراقبين، فإنّ ما بدا مريباً، خلال «مشهدية القمع» والتي جاءت أيضاً بحجة فضّ الاشتباكات بين المتظاهرين أنفسهم، هي أنها أعقبت هجوماً ليلياً، نفّذته مجموعة كبيرة من الأشخاص الملثّمين الداعمين لإسرائيل، ممن قدموا من خارج الجامعة، ضد أحد مخيمات المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، وسط تساهل الشرطة في ملاحقة هؤلاء المتسلّلين، وفي حماية المعتصمين. والمفارقة، أنّ الرئيس التنفيذي للجامعة، جين بلوك، كان قد حذّر، في وقت سابق، من وجود أشخاص غير منتسبين إلى الجامعة في الفعاليات الطالبية في باحاتها، وهو ما فُهم في إطار تحضير الأرضية مسبقاً من قبل إدارة الجامعة لتبرير ما جرى. على أن ما شكّل علامة فارقة في «معركة الإرادات» الدائرة في جامعات الولايات المتحدة، هو إعلان إدارة «جامعة براون» في ولاية رود آيلاند التوصل إلى اتفاق مع الطلبة المحتجين، يقوم على أن يبادر هؤلاء إلى تفكيك مخيّمهم الاحتجاجي في مقابل تنظيم الجامعة عملية تصويت على «سحب استثمارات براون من شركات تسهّل وتستفيد من الإبادة الجماعية في غزة»، وفق بيان رسمي صادر عن الجامعة.