ملف النازحين ورسائل مؤتمر بروكسل: الإستمرار بالإجراءات اللبنانية حاجة ملحة
على الرغم من الرهانات اللبنانية، التي كانت قد برزت في الأشهر الماضية، إلا أنه لم يكن من المتوقع أن يخرج مؤتمر بروكسل، الذي خصص لبحث الملف السوري، بنتائج مغايرة، نظراً إلى أن الجهات الأوروبية الأساسية، لم تكن في وارد الذهاب إلى مقاربة مختلفة لهذا الملف، بعيداً عن التداعيات التي تتركها هذه الأزمة على الدول المجاورة، التي وصلت إلى حد حديث وزير الخارجية الأردنيّة أيمن الصفدي عن أن المجتمع الدولي تخلى عن النازحين السوريين.
في هذا الإطار، كانت بعض الجهات المحلية تراهن على حصول تحول في الموقف الأوروبي، يفتح الباب أمام إعادة النازحين إلى بلادهم، خصوصاً مع تعالي أصوات بعض الدول الأوروبيّة المحذرة، لكن مؤتمر بروكسل أثبت أن القارة العجوز غير معنيّة إلا بمنع وصول المزيد منهم إلى أراضيها، وهو ما كان السبب في التحرك بإتجاه لبنان، في الفترة الماضية، نتيجة وصول أعداد منهم إلى قبرص.
في هذا السياق، تشير مصادر لبنانيّة متابعة، عبر “النشرة”، إلى أنّ مؤتمر بروكسل أرسل أكثر من إشارة سلبيّة في هذا المجال، حيث أنّ الأمور لا تقتصر على رفض إعادتهم إلى بلادهم، بل تشمل أيضاً معارضة الحلّ السياسي في سوريا، من خلال تمديد العقوبات على حكومة دمشق لعام إضافي، ما يعني، من وجهة نظرها، تمديد الأزمة من الناحية العملية، خصوصاً أنّ الدول المؤثرة على المستوى العالمي منشغلة بملفات أكثر أهميّة، أبرزها الحرب في أوكرانيا والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وتشدّد هذه المصادر على أنّ الجانب اللبناني الرسمي معني بالإصرار على موقفه اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، من خلال التمسك بالتوصية التي صدرت عن المجلس النيابي بشبه إجماع، وترجمته إلى إجراءات عملية تقود إلى الحدّ من تداعيات الأزمة، بالرغم من أن المعالجة الجذريّة لا يمكن أن تكون بعيداً عن حصول تحوّل في الموقف الدولي، تحديداً من جانب الولايات المتّحدة والإتّحاد الأوروبي، وتضيف: “ليس هناك ما يدفع إلى التراجع عن الإجراءات التي تقوم بها السلطات المعنية، لا سيما أنّ هذه الأزمة باتت تمثل خطراً وجودياً على البلاد”.
وتلفت المصادر نفسها إلى أنه إذا كانت بعض الدول الأوروبية تريد أن تمنع لبنان من أخذ الإجراءات التي تحمي مجتمعه، ما عليها إلا فتح الأبواب أمام النازحين للإنتقال إلى أراضيها، بدل الإستمرار في سياسة تمويل بقائهم حيث هم، مع العلم أنّ الأموال التي تدفع لا تصل إلى الحد الأدنى المطلوب لتغطية أعباء هذه الأزمة.
بناء على ما تقدّم، تثني المصادر المتابعة على قرار مجلس الوزراء تشكيل لجنة للتواصل مع الجانب السوري، بغضّ النظر عن النتائج التي قد تنتج عن ذلك بسبب الأوضاع الداخلية في سوريا، لكنها تلفت إلى أن هذا الأمر غير كافٍ، بل المطلوب العمل على قنوات مختلفة، وتشير إلى أنّه إنطلاقاً من الحديث عن تشكيل لجنة عربيّة، تضمّ مصر والأردن والعراق، لمتابعة هذا الملف، من المفترض العمل مع مجموعة من الدول العربيّة الأخرى، لزيادة الضغوط التي تساعد في هذا المجال، أبرزها الدول الخليجيّة، التي تملك القدرة على التأثير في الموقف الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، ترى هذه المصادر امكانية العمل مع بعض الدول الأوروبية في سبيل تحقيق هذه الغاية، خصوصاً أنّ دول القارة العجوز ليست موحدة في النظر إلى هذا الملف، لكن القوى الأساسية، تحديداً فرنسا وألمانيا، هي التي لا تزال تقود الموقف السلبي، الذي من المفترض معالجته، وتشدد على أن هذا الأمر أكثر من ضروري، حتى ولو تطلب ذلك العمل، على زيادة المخاوف التي لدى تلك الدول، لأنّ ليس من المطلوب طمأنتها، بل على العكس من ذلك يجب أن تشعر بخطر أكبر.
في المحصّلة، تشدّد المصادر نفسها على أنّ الأساس يبقى إستمرار الإجراءات اللبنانية من منطلق سيادي، خصوصاً أنّ الدول الأوروبية لا تملك الحق في منع لبنان من القيام بما يراه مناسباً في هذا المجال، وتشير إلى أنّ هذا الأمر قد يؤدّي إلى المزيد من الضغوط على المسؤولين اللبنانيين، لكن المطلوب التعامل مع الامر بشجاعة.