في السجال الدائر من حول فتح حزب الله جبهة الجنوب منذ 8 تشرين الاول، غالب الحديث عن العودة الى تنفيذ القرار 1701. اكثر المشغولين به الاميركيون والفرنسيون. الاولون لحرصهم على امن الحدود الشمالية لاسرائيل، والاخيرون لوجود كتيبة لجنودهم في القوة الدولية في الجنوب يتفقدها في كل مرة يحضر زائر فرنسي مهم. اكثر ما عبّر عن اهتمام الدولتين الكبريين، ان لكل منهما ورقة حلول لاعادة الاستقرار الى جنوب لبنان. تتقاطعان لكنهما تتباينان، ويحكى احياناً عن تنسيق بينهما مع ان حماسة الاولين واستعجالهم اقل بكثير عن الاخيرين.كلا الفريقين ايضاً يقصدان قائد الجيش العماد جوزف عون للسؤال نفسه عن دوره في اعادة الانتشار في الجنوب تنفيذاً للقرار 1701، وتبعاً لذلك اطفاء جبهة الحدود مع اسرائيل. ما يتفاوت بين الاميركيين والفرنسيين، يتبلغه المسؤولون اللبنانيون الرسميون وحزب الله على السواء، تأكيد واشنطن معارضتها اندلاع حرب بين اسرائيل والحزب وممارستها ضغوطاً متشددة على الدولة العبرية والقول حتى على نحو جازم ان لا حرب شاملة، فيما تنقل باريس مرة تلو اخرى تهديدات اسرائيلية بتدمير لبنان كأن الحرب تنتظر ساعة الصفر. احدث ما ظهر على لسان الفرنسيين قول وزير خارجيتهم ستيفان سيجورنيه في اختتام زيارته بيروت الاسبوع الفائت، تخويفه اللبنانيين مما سمّاه «السيناريو الاسوأ».
في كل مرات يُسأل الجيش، جوابه المعلن مزدوج: تعزيز قدراته وعديده اللذين انهكهما الانهياران النقدي والاجتماعي، وانتظار القرار السياسي كي ينفذه. لا يملك في الواقع سوى هذين الجوابين: ليس هو مَن اشعل جبهة الجنوب دفاعاً عن غزة وإلهاء لاسرائيل عن حربها عليها، وليس هو مَن يقودها او يتدخل فيها او طرفاً، وليس خصوصاً مَن يسعه بقراره هو اغلاقها. بذلك يبدو على صورة الحكومة اللبنانية في مقاربتها تداعيات حرب غزة على الجنوب.
ما يقوله حزب الله، ويصل الى مسامع المسؤولين، اكثر تشدداً الا انه يفصح عن امتلاكه وحده قرار ابقاء الجنوب ساحة مفتوحة للمواجهة مع اسرائيل:
1 – ما لم تتوقف النار في غزة لا وقف للنار في الجنوب اياً تكن الضغوط والتهديدات.
2 – لن يُجَر لبنان الى حرب شاملة او يقرر الذهاب اليها، ولن تتعدى المواجهة نطاقها الحالي، تصعد وتهبط، متمسكاً بقواعد الاشتباك السارية المتفق عليها.
3 – لن تنسحب معركة الجنوب على الداخل اللبناني، ولا يربطها الحزب بأي استحقاق آخر بما في ذلك انتخاب رئيس للجمهورية.
4 – عندما دخل حزب الله حرب غزة لم يستشر اياً من حلفائه بمَن فيهم حليفه الاول الرئيس نبيه برّي. يعرف سلفاً ان من المحال توقّع حصوله على موافقة او تأييد اي فريق لبناني على قرار في حجم الانخراط في الحرب تلك. لا احد يريدها او يتحمس لها وخصوصاً خصوم الحزب. لأن ما يقدّره حيالها يختلف عن تقدير سواه، يمضي فيها للسبب نفسه دونما ان يحتاج الى رضى اي طرف.