من ورّط جعجع: خوفه أو مسؤول أمنه؟
حين دقّ الخطر المالي أبواب اللبنانيين وحساباتهم المصرفية، لم تستشعره القوات اللبنانية. وكذلك حين دقّ خطر الأقساط المدرسية والاستشفاء والفساد والشؤون الاجتماعية. وحتى حين أشارت بكركي إلى خطر الديموغرافيا والهجرة والشغور الإداري، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع – بالصوت والصورة – إنها «طبخة بحص» لا ينبغي إضاعة الوقت حولها. لم يكن التكفيريون خطراً بالنسبة إلى القوات، ولا النزوح السوريّ، ولا «صفقة القرن» الأميركية بما تتضمنه من تطبيع وتوطين، ولا القرار الدولي بعدم استخراج الغاز، ولا إسرائيل طبعاً. كل هذه الأخطار لم تحفّز حزب القوات اللبنانية كما حفّزته حادثة السرقة والقتل التي أودت بحياة مسؤوله في قضاء جبيل باسكال سليمان.
قبل الجريمة ببضعة أيام، تحديداً في 26 آذار، فاجأ جعجع أحد الوفود التي زارته في معراب بسعادته، أو على الأقل عدم انزعاجه، من الانهيار الحاصل كونه الوسيلة الأنسب لإعادة البناء من جديد، مستعيداً مراحل الثمانينيات ليقول ما مفاده إن التدخل السلبي للرئيس ميشال عون يومها أوقف مساراً كان سيوصل إلى إعلان دولة مسيحية. بعض المشاركين في الجلسة ممن توقّفوا عند ما قاله جعجع في مقابلة تلفزيونية قبل نحو شهرين عن عدم وجود منطق أو عقلانية أو واقعية سياسية في الطروحات الفيدرالية، خرجوا بانطباع مناقض تماماً. ومع تقارير إسرائيلية تتحدث عن اجتياح برّي إسرائيلي شامل، كان جعجع يعلّق آمالاً، أمام وفود أخرى، على هجوم إسرائيلي موسّع يضعف بموجبه الجميع إلا هو.