سالم زهران: أنا سنّي في الصميم والمقاومة لا تعترف بالمذهب
صاحب الكلمة الحرة والمواقف الجرئية، مقاوم بالفطرة، بالتربية، بالنشأة، المقاومة بالنسبة له راية ممتدة منذ عهد عبد الناصر الى اليوم، تذوب أمامها المذهبية والطائفية لترتفع القضية، خياراته فكرية عقائدية لهذا هو خصم شرس إذا ما تعلق الأمر بالمقاومة والعدو الصهيوني، ودود إذا ما هادن، يحظى بمحبة وتقدير حتى ممن يختلفون معه بالسياسة، خلف صلابة الإعلامي تكمن أبوة رقيقة عالية المستوى، بيتوتي بامتياز، الإعلامي سالم زهران في دردشة مع إستجواب من القلب الى القلب ماذا يقول عن الشهرة، المقاومة، الإختلاف مع الآخر، الحكومة.. ماذا يحدثنا عن سالم الأب.. سالم الإنسان.. جوانب من الشخصية الأكثر تأثيرا في هذا الحوار..
الإنطلاقة الإعلامية كانت مبكرة عبر القسم الإعلامي في الحركة الكشفية، ولقد حصلت على دبلوم في الإعلام والتواصل الكشفي، وهذا كان نوع من العمل الإعلامي الغير مباشر أي خارج المؤسسات الإعلامية التقليدية ثم كانت الإنطلاقة الإعلامية من مجلة فكر وصحيفة السفير وإذاعة صوت الحرية.
لماذا اخترت الإعلام؟ هل لأنك كنت تطمح للشهرة ام لأجل رسالة؟
في الحقيقة انا لم أختر الإعلام، ولقد بدأت عملي المهني في إختصاص علم النفس التربوي كمدرس، لكن الإعلام هو الذي وقع عليّ ولم أقع عليه وذلك عبر الصدفة.
في الشهرة وقوة التأثير
مسألة الشهرة لم تكن في الحسبان على الإطلاق، ويوم بدأنا في العمل الإعلامي بعد العام 2006 في حرب تموز لم يكن هناك شهرة كما هو الحال الآن، خاصة أن مشوارنا الإعلامي في الإذاعة وفي الصحيفة وكلاهما لا إمكانية للشهرة بهما.
الشهرة هي مقدار قوة دفع لإيصال الفكرة يعني إذا كان الإنسان لديه رسالة وفكر كما هو الحال الآن، ونحن عليه سواء كبرت أفكارهم أم صغرت، فعندما يكون عدد المتابعين لك 100 الف متابع حقاً أنت قادر على إيصال ما أنت مؤمن به أكثر من أن يكون عدد متابعيك 10 آلاف، وبالتالي الشهرة هي قوة دفع لإيصال المضمون لكن بحدِّ ذاتها لا قيمة لها.
يقولون إن الله إذا أحب شخصا حبب خلقه فيه؟ كيف توصف هذه النعمة؟
محبة الله للعبد تتجلى حين يحبه الناس؟ بالتأكيد. لكن في ظل هذا الإنقسام الحادّ الذي تشهده المنطقة والعالم، كلما زاد عدد محبيك في جهة اليمين سيزيد ويتضاعف عدد الكارهين من جهة اليسار وهذه طبيعة الأشياء. القوة في أن تستطيع أن تخترق جزءا ممن يخاصمونك الأفكار، فالقوة في أن تحصد تقديرا ومحبة ممن هم يختلفون عنك في السياسة أو في المذهب أو في الدين.
أنت من الطائفة السنية الكريمة ويحسب عليك أن كل مواقفك مؤيدة لجهة شيعية.. ماذا تقول في ذلك؟
المقاومة راية وليست مذهب، عندما كانت الحركة الناصرية في عزّها كان أهل السنّة هم الأساس في هذه العملية، عملية المقاومة، وكان هناك كثر من الشيعة منخرطون تحت لواء المرابطون وتحت لواء الحركات الناصرية. هم ظلو شيعة لم يتسللو وكذلك الحال اليوم، رافع راية المقاومة هو حزب الله ومن يرفع هذه الراية سواء مسيحي أم علماني أم سني.. هذا لا يعني أنه تشيّع.
هل تعتبر نفسك خارج عن الموقف أو البيئة السنية؟
البيئة السنّية الحقيقية هي بيئة فلسطين، الأصالة السنية والوفاء السنّي الأول هو للقضية الفلسطينية، وكلما اقتربنا من فلسطين اكثر كلما كنا سنّة أكثر، وعليه انا أجد نفسي في عصب هذه البيئة الحقيقية وليس في البيئة المصطنعة التي يريد لها الامريكيون أن تكون.
عن الحكومة ومواجهة الأزمات والتحديات؟
الحكومة اللبنانية هي صورة تبقى الأصل عن الحكومات التي سبقتها، هناك قوة دفع أكثر، وثمة إشارات إيجابية أكثر، من هذه الإشارات مثلا أن حضور حزب الله أكثر فاعلية، منها أيضا أن وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب هو من دارة طلال إرسلان وهو أكثر جدية في إدارة ملف النزوح من اللذين سبقوه. نعم هناك إشارات إيجابية، وأتمنى أن تشكل قوّة دفع باتجاه الإصلاح الحقيقي وإنقاذ البلد، ولكن علمتنا التجربة أن لا نثق لا بالحكومات ولا حتى بالحكام.
ما الذي يدفعك لتحديد خياراتك السياسية؟
الخطوات السياسية تتحدد بالدرجة الأولى بالخلفية العقائدية. أنا في عقيدتي، في إيديولوجيتي ضدّ العدو الصهيوني، فعليه يكون خيارك السياسي مع كل يشبهونك. الخيارات السياسية هي من منطلقات فكرية وعقائدية أكيدة.
سالم زهران معروف بجرأة أكثر من عادية، ما الذي يمنح سالم هذه الجرأة؟
الجرأة هي هبة من الله عز وجل في الدرجة الأولى. الجرأة في موقف هي حتماً تنبثق من الشجاعة، وهذه الشجاعة هي لا تكتسب بل هي تولد مع الإنسان، والإنسان يغذيها، وبتقديري أن واحد من أسباب هذه الشجاعة والجرأة في الموقف، إضافة الى الطبع والطبيعة لها علاقة بعدم الخوف من شيء لأنك لا تخطئ من شيء (اللي ما عندو أخطاء ما بخاف من الناس، بخاف من رب العالمين فقط).
أجمل لحظة في حياة سالم زهران؟
أجمل لحظة في حياتي هي اللحظة التي رزقت فيها بإبني الأول علي، فالأبوة شيء لا يوصف ولا يقدّر، ولا يمكن مساواته بأي أمر آخر.
أصعب اللحظات
ربما مرض طفلي الأصغر طه كانت من أصعب اللحظات على الإطلاق عندما تعرض لعارض صحي ودخل على إثره غرفة العناية المشددة في المستشفى، لحظة رأته عيناي بهذه الحالة كانت الأصعب على الإطلاق.
متى بكى سالم زهران؟
الرجل هو إنسان بالدرجة الأولى.. والبكاء لا ينتقص برأيي من الرجولة، فمن الطبيعي أن نبكي عندما تتأثر أحاسيسنا، نبكي عندما نخسر من نحب، وللأسف اليوم مرض السرطان سرق منا عدد كبير من الناس، نبكي عندما نرى أشخاص يتألمون، والبكاء هو مرافق من الإنسان وأنا من النوع الذي يقال عنه باللهجة العامية أن دمعته سهلة.
شخصية سالم زهران خارج الشاشة هل تختلف عنها على الشاشة؟
لكل مكان وزمان طبيعته وفي مثل يقال لكل وقت آذانه. حتماً الشاشة شيء وخارج الشاشة شيء آخر، لكن لعلني من أكثر الناس الذين تتطابق صورتهم الشاشة مع خارجها، والبرامج الاسبوعية العديدة التي ظهرت بها بيّنت الجانب الكامل من هذه الشخصية.
ماذا تمثل لك العائلة؟
العائلة معنى مقدّس بالنسبة لي، ويمكن أن أعدّ نفسي من البيتوتيين والذين يجلسون 80 % من وقتهم مع العائلة، وأتابع أموركها بكل دقة وأهمية، وبالتالي علاقتي بعائلتي علاقة عميقة جدا.
من هو الإنسان الأكثر تأثيرا في حياتك؟
ثمة أشخاص نتأثر بهم بالحياة المباشرة، ولعل المرحوم القائد الكشفي محمد صادق خير الدين هو أكثر من تأثرت به في حياتي وتعلمت منه، وهناك أناس نتأثر بهم عن بعد سواء في الكتابة، في القراءة ، في السياسة، وهؤلاء يتغيرون مع تغير الظروف.ومع تعرفنا على المزيد منهم.
أين سيكون سالم زهران بعد خمس سنوات؟
خمس سنوات الله وحده يعلم من يعش ومن يمت، ولكن تقديري الشخصي وفق ما أنا فيه، بعد خمس سنوات سأكون أكثر نضجاً مهنياً وربما إجتماعياً، ومزيد من الأعمال الوثائقية الأرشيفية، وليس المزيد من الحلقات النارية التي تنتهي مع نهاية الحلقة.
أين تحلم أن ترى علي في المستقبل؟
يقول جبران خليل جبران أبناؤكم ليسوا لكم، أبنائكم أبناء الحياة. من المستحيل أن نتوقع ماذا سنرى أولادنا في المستقبل، رغم رغبته التي يعبر عنها الآن، ولا أدري إذا ستتغير بأنه سيكون محامٍ مناصرا للمحتاجين وهذا ما أتمنى أن أراه فيه.
لو عاد بك الزمن ماذا كنت ستغير في حياتك؟
لو عاد الزمن لأعدنا نفس ما نحن فيه، ولكن مع مزيد من الهدوء والسكون، والقليل من المعارك. السلام عليكم وشكراً.